خَرَجَ الْوَالِي مُتَنَكِّرًا بِمَلَابِسِ رَجُلٍ مِنَ الْعَامَّةِ لِيَعْرِفَ رَأْيَ النَّاسِ فِيهِ بَعْدَ مُرُورِ عَام عَلَى وِلايَتِهِ، وَكَذَلِكَ تَنَكَّرَ وَزِيرُهُ أَيْضًل.
وَهُوَ فِي الطَّريقِ الْتَقَى بِجُحَا، الذي عُرفَ عَنْهُ الصَّرَاحَةُ وَقَوْلُ الْحَقِّ، فَسَأَلَهُ الْوَالِي: مَا رَأْيَكَ فِي الْوَالِي الْجَدِيدِ؟ قَالَ جُحَا، هُوَ مِنْ أَقْسَى الْوُلاة الَّذينَ تَوَلُوا، فَهُوَلا يَشْعُرُ بِالْفُقَرَاءِ وَالْجَوْعَى أَمْثَالِي وَلا يَهْتَمُ بِهِمْ، وَكُلُّ النَّاسِ يَشْتَكُونَ مِنْ ظُلْمِهِ.
غَضِبَ الْوَالِي وَكَتَمَ غَضَبَهُ فِي نَفْسِهِ، ثُمَّ قَالَ لِوَزيره، خُذْ هَذَا الرَّجُلَ الصَّادِقَ إِلَى مَأْدُبَةِ الطَّعَامِ الَّتِي خَصَّصْتُهَا الفُقَرَاء،
وَبَعْدَ أَنْ يَأْكُلَ أَحْضِرْهُ مَعَكَ إِلَى قَصْرِي لأَرَحْبَ به بنَفْسي.
ذَهَبَ جُحَا إِلَى مَأْدُبَةِ الْفُقَرَاءِ، وَعِنْدَمَا شَاهَدَ الرِّحَامَ قَالَ لِلْوَزِيرِ الْمُتَنَكِّرِ : لِمَاذَا لا نَذْهَبُ إِلَى قَصْرِ صَدِيقِكَ الْغَنِيّ الآنَ، رُبِّمَا كَانَ الطَّعَامُ الَّذِي دَخَلَ قَصْرَهُ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِي أَرَاهُ أَمَامِي.
ابْتَسَمَ الْوَزِيرُ وَقَالَ لَهُ: كَمَا تُحِبُّ، فَبِالتَّأْكِيدِ سَتَجِدُ فِي قَصْرِ صَدِيقِي مَا لا تَتَوَقْعُهُ، هَيَّا بِنَا إِلَيْهِ.
دَخَلَ جُحَا الْقَصْرَ، وَهُنَاكَ عَرَفَ أَنَّ الرّجُلَ الَّذِي تَحَدَّثَ مَعَهُ مُنْذُ سَاعَةِ هُوَ الْوَالِي، الذي اقْتَرَبَ مِنْ جُحَا وَقَالَ لَهُ، هَلْ
عَرَفْتَ مَنْ أَنَا ۚ أَنَا الْوَالِي الظَّالِمُ الْقَاسِي كَمَا قُلْتَ! و ابْتَسَمَ جُحَا وَقَالَ لِلْوَالِي: وَهَلْ عَرَفْتَ مَنْ أَنَا ۚ أَنَّا جُحَا الْمَجْنُونُ كُلُّ النَّاسِ يَعْرِفُونَ بأَنَّ الصَّرْعَ يُصِيبُنِي مَرَّتَيْنِ
فِي الْيَوْمِ، وَكَانَتْ إِحْدَاهُمَا عِنْدَمَا الْتَقَيْنَا مُنْذُ سَاعَة. ضَحِكَ الْوَالِي مِنْ قَلْبِهِ وَضَحِكَ الْحَاضِرُونَ، وَأَمَرَ لِجُحا
بمكافأة.
تمتع بالمزيد من القصص هنا: قصص قصيرة للأطفال