كَانَ يَا مَا كَانَ فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ، كَانَتْ هُنَاكَ سَمَكَةٌ كَثِيرَةُ الْغُرُورِ، وَكَانَتْ تَعْتَقِدُ اعْتِقَادًا رَاسِخًا أَنَّهَا الْأَسْرَعُ مِنْ جَمِيعِ الأنواع الأُخْرَى مِنَ الْأَسْمَاكِ، وَأَنها الأكثر إثقالا لِفَنَ الْقَوْمِ وَأَنَّهُ لَيْسَ هُناكَ حَيَوانٌ بَحري أوْ بَرِي يَسْتَطِيعُ مُنافستها.
الْتَقَتِ السَّمَكَةُ بسُلَحْفَاةٍ، فَأَغْتَنَمَتِ السَّمَكَةُ وَذَاتَ يَوْمٍ الْفُرْصَةَ وَطَلَبَتْ مِنْهَا أَنْ تُنَافِسَهَا فِي الرِّبَاقِ.
فَكَرَتِ السلحفاة بُرْهَةٌ مِنَ الزَّمَنِ ثُمَّ قَالَتْ: لَيْسَ لَدَيَّ مَانِع، لكِنْ عِنْدِي شَرْطٌ وَاحِدٌ. فَسَأَلَتِ السَّمَكَةُ السُّلَحْفَاةَ قَائِلةً: وَمَا هُو هَذَا الشَّرْطُ ؟ أَجابَتِ السُّلَحْفَاةُ مُبْتَسِمَةً: يَجِبُ أَنْ نَتَسَابَقَ إِلَى غَايَةِ الشَّاطِئِ هُنَاكَ. فَقَبلَتِ السَّمَكَةُ الشَّرْطَ.
وَهَكَذَا بَدَأَ السّبَاقُ، حَيْثُ كَانَتِ السَّمَكَة في فَوَصَلَتِ إِلَى الشَّاطِئِ، وَظَلَّتْ تَنتَظِرُ وُصُولَ السُّلَحْفَاةِ كَيْ تُعْلِنَ فَوْزَهَا ، بالرّغمِ مِنْ عَدَمِ قُدْرَتِهَا عَلَى التَّنَفْسِ خَارِجَ الْبَحْرِ. وخلالَ دَقَائِقَ مَاتَتِ السَّمَكَةُ أُخْتِنَاقًا، وَوَصَلَتِ السُّلَحْفَاةُ مُتَأْخِرَةٌ إِلَى الشَّاطِئِ وَهِيَ تُرَدِّدُ ضَاحِكَةً: “يَفْعَلُ الْجَاهِلُ بنَفْسِهِ مَا لَا يَفْعَلُهُ بِهِ عَدُوٌّهُ”.
اَلْعِبْرَة مِن اَلْقِصَّةِ:
هَذِهِ اَلْقِصَّة اَلْقَصِيرَة تعلم أَطْفَالنَا فَائِدَةَ اَلتَّوَاضُعِ وَتفَهمهمْ خُطُورَةَ اَلْكِبرِ وَالتَّعَالِي عَلَى اَلْآخَرِينَ ، لِأَنَّ اَلْكِبَرَ مِنْ اَلْجَهْلِ وعواقبه وخيمة، وَالْجَهْلُ يَفْعَلُ بِصَاحِبِهِ مَا لَا يَفْعَلُهُ اَلْعَدُوّ بِعَدُوَّه ، فَتَجَنَّبُوا يَا أَبْنَائِي كُلَّ أَنْوَاعِ اَلْكِبر وَالتَّعَالِي عَلَى اَلْآخَرِينَ حَتَّى لَا يَحْصُلُ لَكُمْ مَا جَرَى لِلسَّمَكَةِ.