.

هِوَايَةُ الْقَنصِ

تمت الكتابة بواسطة: عبد الحكيم

فصول القصة

هِوَايَةُ الْقَنصِ

كَانَ يَا مَا كَانَ فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ، كَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ اسْمُهُ جَمَال، وَكَان يُحِبُّ هِوايَةَ الْقَنْصِ حُبًّا كَثِيرًا. وَقَدْ كَانَ لَهُ أَبْنٌ صَغِيرٌ اسْمُهُ سَعِيدٌ عَلَى عَكْسِهِ تَمَاماً، حَيْثُ كَانَ يَكْرَهُ قَنْصَ الْحَيَوَانَاتِ، إِذْكَانَ يُحِبُّ تَرْبيَتهَا وَلَيْسَ قَتْلَهَا للمتعة واللهو.

وَفِي أَحَدِ الْأَيَّامِ ، أَصَرَّ سَعِيدٌ عَلَى الذَّهَابِ إِلَى الْقَنْصِ بِرُفْقَةِ وَالِدِهِ لِمُرَاقَبَتِهِ، وَهُوَ يُمَارسُ هِوَايَتَهُ رَغمَ مُعَارَضَةِ أُمِّهِ. وَهَكَذَا، رَافَقَ الْابْنُ أَبَاهُ لِلْغَابَةِ وَهُوَ مَسْرُورٌ. فَأَخَذَ الْأَبُ يَبْحَثُ عَنْ طَرِيدَةٍ لِقَنْصِهَا.

وَبَعْدَ مُرُورِ وَقْتٍ لَيْسَ بِطَوِيلٍ، شَاهَدَ جَمَالٌ طَائِرًا فَوْقَ شَجَرَةٍ، وَطَلَبَ مِنْ ابْنِهِ سَعِيدٍ عَدَمَ التَّحَرُكِ وَالْبَقَاءَ خَلْفَهُ ، لَكِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ نَصِيحَةَ وَالِدِهِ، وَأَتَّجَهَ إِلَى مَكَانِ تَوَاجُدِ الطَّائِرِ عَنْ قَصْدٍ، وَبِمُجَرِّدِ أَنْ سَمِعَ الْابْنُ صَوْتَ الطَّلْقِ النَّارِي، تَظَاهَرَ أَنَّهُ أَصِيبَ،

وَسَقَطَ فَوْقَ الْأَرْضِ كَيْ يَجْعَلَ أَبَاهُ يُحِسٌ بِالْخَوْفِ فَأَقْتَرَبَ الْأَبُ مِنَ ابْنِهِ بِسُرِعَةٍ وَهُوَ خَائِفٌ يَرْتَعِدُ، فَصَاحَ قَائِلاً: هَلْ أَنْتَ بِخَيْرِ ؟ مَرَّتْ ثَوَانِي قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الْابْنُ قَائِلاً: إنّي بِخَيْرٍ.

فَغَضِبَ الْأَبُ مِنْ تَصَرُّفِ ابْنِهِ وَسَأَلَهُ: لِمَاذَا تَظَاهَرْتَ بأَنْنِي أَصَبْتَكَ؟ فَأَجَابَ الْابْنُ: لَقَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ عَمْدًا كَيْ تُصَابَ بِالرُّعْبِ، وَتَعْرِفَ أَنَّ الطُّيُورَ هِيَ أَيْضًا تَخْشَى عَلَى صِغَارِهَا وَتَحْزَنُ عَلَى فَقْدَانِهَا.

نَظَرَ الْأَبُ إِلَى ابْنِهِ وَقَالَ بِتَعَجُّبٍ: لَقَدْ صَدَقْتَ يَا بَيْ ! هَيَّا بنَا إِلَى الْمَنْزِلِ فَوْرًا، لَنْ أَعُودَ إِلَى مُمَارَسَةِ هَذِهِ الْهِوَايَةِ بَعْدَ الآن.

اَلْعِبْرَة مِنْ اَلْقِصَّةِ:

تُعَلِّمُنَا هَذِهِ اَلْقِصَّة اَلرَّأْفَة بِالْحَيَوَانَاتِ وَعَدَمَ قَتْلِهَا دُونَ سَبَبٍ ، فَالْحَيَوَانَاتُ هِيَ مَخْلُوقَاتٌ حَيَّةٌ تُحِبُّ اَلْحَيَاةُ مِثْلُنَا وَلَا يَجِبُ مُعَامَلَتَهَا بِوَحْشِيَّةِ وَفَقَطْ لِلْمُتْعَةِ، فَقَدْ سَخَّرَهَا اَللَّهُ لَنَا، نَأْكُلُ مِنْهَا حَسَبَ اِحْتِيَاجَاتِنَا وَلَا نُسْرِفُ فِي قَتْلِهَا لِلَّهْوِ وَاللَّعِبِ فَاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُحِبُّ اَلْمُسْرِفِينَ.