قصة الْجَمَلُ

يحكى أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ شَابٌ يَعِيشُ عَلَى الترْحَالِ فِي الصَّحَارَى، مُعْتَمِدًا عَلَى سَفِينَةِ الصَّحْرَاءِ وَهِيَ الْجَمَلُ.
وَفِي أَحَدِ الْأَيَّامِ الصَّيْفِيَةِ، كَانَتِ الْحَرَارَةُ شَدِيدَةً، فَقَرَّرَ الشَّابُ السَّفَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَوْقَ جَمَلِهِ. فَحَمَلَ مَعَهُ مَا قَدْ يَكْفِيهِ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ دُونَ أَنْ يَنْسَى أَخْذَ الْعَصَا الَّتِي تُسَاعِدُهُ عَلَى الْمَشْيِ فَوْقَ الرّمَالِ.

وَهَكَذَا، بَدَأَتْ رِحْلَةُ الشَّابِ الطَّوِيلَةِ، وَكَانَ فِي كُلِّ فَتْرَةٍ مِنَ الزمن يتوقف لأخذ قسط من الراحة، وتناول الطعام والشراب. كما كانت فُرْصَةٌ كَيْ يَتَبَادَلَ الْحَدِيثَ مَعَ جَمَلِهِ.

وَعِنْدَمَا قَطَعَ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثَيِّ الْمَسَافَةِ، لَمْ يَتَبَقَّ لِلشَّابِ مَا يَكْفِيهِ مِنَ الْمَاءِ إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَخَاطَبَ جَمَلَهُ قَائِلاً: هَلْ يُمْكِتُنِي أَنْ أَشْرَبَ مِنْ مَائِكَ الَّذِي أَحمِلُهُ مَعِي؟

فَأَجَابَهُ الْجَمَلُ بِابْتَسَامَةٍ قَائِلاً: طَبْعًا يُمْكِنُكَ ذَلِكَ، فَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ مَنَحَنِي الْقُدْرَةَ عَلَى تَخْزِينِ مَا أَحْتَاجُهُ مِنْ مَاءٍ فِي چسمِي وأستطيع تحمل العطش ثمانية أيام دون ماء، فَلَنْ أَحْتاج إلى الْمزيدِ مِنَ الْمَاءِ.

فَرِحَ الشَّابُ عِنْدَ سَمَاع مَا قَالَهُ الْجَمَلُ، وَشَرِبَ مَا أَحْتَاجَهُ مِنَ الْمَاءِ خِلَالَ الرِّحْلَةِ الَّتِي دَامَتْ مِنْ بِدَايَتِهَا إِلَى نِهَايَتِهَا
خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

اَلْعِبْرَة مِنْ قِصَّةِ اَلْجُمَلِ:

فِي قِصَّةِ اَلْجُمَلِ هِتَّهْ تَعَرَّفْنَا عَلَى سَفِينَةِ اَلصَّحْرَاءِ وَهِيَ اَلْجُمَلُ وَتُعَلِّمُنَا أَنَّ اَلْجُمَلَ يُمْكِنُهُ تَحَمُّلُ اَلْعَطَشِ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ مُتَوَاصِلَةٍ دُونَ مَاءٍ.

وَأَخَذْنَا اَلْعِبْرَةَ كَذَلِكَ مِنْ هِتَّهْ اَلْقِصَّةُ اَلْقَصِيرَةُ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا اِتِّخَاذُ اَلتَّدَابِيرِ اَللَّازِمَةِ عِنْدَ سَفَرِنَا وَانْ نَحْسُبُ حِسَابُ اَلظُّرُوفِ اَلصَّعْبَةِ فَنُجَهِّزُ اَلْأَكْلَ وَالشَّرَابَ وَالْمَالَ حَسَبِ اَلْمَكَانِ اَلَّذِي نَقْصِدُهُ.

وَكَذَلِكَ تَعَلَّمْنَا كَيْفَ نَتَقَاسَمُ مَشَقَّةُ اَلسَّفَرِ كَمَا تَقَاسَمَ اَلْجُمَلَ اَلْمَاءُ مَعَ صَاحِبِهِ.