جُحَا وَالْحِمَارُ اَلْقَارِئُ
كَانَ لَدَى تَيْمُورْ لَنْكْ حِمَارٌ أَهْدَاهُ لَهُ بَعْض اَلنَّاسِ، فَأَرَادَ تَيْمُورْ أَنْ يُمَيِّزَ هَذَا اَلْحِمَارِ عَنْ بَاقِي اَلْحَمِيرِ، لِأَنَّهُ حِمَارُ تَيْمُورْ، فَلَابُدُّ أَنْ يَخْتَلِفَ عَنْ بَاقِي اَلْحَمِيرِ، فَأَعْلَنَ فِي اَلْمَدِينَةِ أَنَّهُ يُرِيدُ رَجُلاً يَعْلَمُ حِمَارُهُ اَلْقِرَاءَةُ.
وَمِنْ يَتَقَدَّمُ وَلَا يَسْتَطِيعُ فَسَوْفَ يَضْرِبُ عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ، فَتَقَدَّمَ جُحَا لِتِلْكَ اَلْمُهِمَّةِ اَلصَّعْبَةِ، وَأَخْذَ اَلْحِمَارِ إِلَى اَلْبَيْتِ وَأَحْضَرَ كِتَابًا كَبِيرًا مِنْ عِدَّةِ صَفَحَاتٍ وَكَانَ يَضَعُ بَيْنَ كُلِّ صَفْحَةِ بَعْضِ اَلشَّعِيرِ وَالْبِرْسِيمِ، فَإِذَا جَاعَ اَلْحِمَارُ قَلْبَ لَهُ اَلصَّفَحَاتُ وَيَأْكُلُ اَلْحِمَارُ مَا بَيْنَهَا، وَظَلَّ عَلَى ذَلِكَ شَهْرًا كَامِلاً حَتَّى تُرَسِّخَ فِي ذِهْنِ اَلْحِمَارِ أَنَّ اَلطَّعَامَ بَيْنَ صَفَحَاتِ اَلْكِتَابِ، وَكَانَ اَلْحِمَارُ يَقْلِبُ اَلصَّفَحَاتِ بِلِسَانِهِ وَيَأْكُلُ مَا بَيْنَهَا.
وَحَانَ مَوْعِدُ اَلِاخْتِبَارِ، فَجَمَعَ تَيْمُورْ اَلنَّاسُ فِي مَيْدَانٍ وَجَاءَ جُحَا بِالْحِمَارِ وَهُوَ فِي شِدَّةِ اَلْجُوعِ، ثُمَّ وَضَعَ أَمَامَهُ اَلْكِتَابُ وَلَيْسَ بَيْنَ صَفَحَاتِهِ طَعَام، فَلَمَّا رَأَى اَلْحِمَارُ اَلْكِتَابُ تَوَجَّهَ نَحْوهُ وَقَلْبُ صَفَحَاتِهِ يَبْحَثُ عَنْ اَلطَّعَامِ وَيَنْهَقُ، وَالْكُلُّ يُصَفِّقُ لَهُ وَقَدْ ظَنُّوهُ يَقْرَأُ اَلْكِتَابُ.