كَانَ هُنَاكَ شَابٌ إسْمُهُ «عَلَاءُ الدّينِ»، لَمْ يُفْلِحْ فِي شَيْءٍ سِوَى التَسَكَّعِ فِي الطرقَاتِ، وَاللَّعِبِ فِي السَّاحَاتِ مَعَ الْأَوْلَادِ، وَذَاتَ يَوْمٍ؛ وَبَيْنَمَا كَانَ
يَتَسَكَّعُ مَعَ الصَّبْيَةِ، وَقَفَ بِالْقُرْبِ مِنْهُمْ رَجُلٌ غَرِيبٌ، وَأَخَذَ يُرَاقِبُ عَلَاءَ الدَّينِ بِاهْتِمَامِ، لَقَدْ كَانَ الْغَرِيبُ السَّاحِرَ شَمْرُوخ الَّذِي صَرَفَ حَيَاتَهُ فِي الْبَحْثِ عَنْ مِصْبَاحٍ سِحْرِيٌّ يَجْعَلُ صَاحِبَهُ الرَّجُلَ الْأَكْثَرَ قُوَّةً وَثَرَاء فِي الْعَالَمِ.
وَالْمِصْبَاحُ مُخبَّاً مَعَ كُنُوزِ ثَمِينَةٍ فِي مَغارَةِ بَابُهَا لَا يُفْتَحُ إِلَّا لِوَلَدٍ فِي الْخَامِسَةَ عَشَرَ مِنْ عُمُرِهِ اسْمُهُ «عَلَاءُ الدِّينِ». سَأَلَ شَمْرُوخُ عَلَاءَ الدِّينِ: هَلْ
يُعْجِبُكَ أَنْ تُصْبِحَ تاجِرًا؟ فَأَجَابَهُ: نَعَمْ، فَمَشَى الاثْنَانِ وَهُمَا يَتَبَادَلَانِ الحَدِيثَ، وَلَمْ يَشْعُرُ عَلَاءُ الدِّينِ أَنَّهُمَا خَرَجَا مِنَ الْمَدِينَةِ.
وَصَلَ شَمْرُوجُ وَعَلَاءُ الدَّينِ إِلى سَفْحَ جَبَلٍ، وَهُنَاكَ قَالَ شَمْرُوحُ : وراء هذا الباب زردابُ يُوصلك إلى كثير من المال والذهب فهو كله لَك إِلَّا مِصْبَاحًا قَدِيمًا فَإِنَّهُ لِي، وَوَضَعَ شَمْرُوخُ فِي إِصْبَعِ عَلَاءِ الدِّينِ خَاتَمًا وَقَالَ لَهُ:
هَذَا سَيَحْمِيكَ مِنَ الأَخْطَارِ.
دخل علاء الدين المغارة وغَابَ عَلَاءُ الدِّينِ فِي دَهَالِيز مُظْلِمَةٍ ) حَتَّى وَصَلَ إِلَى صَخْرَةٍ عَلَيْهَا مِصْبَاحٌ قَدِيمٌ فَأَخَذَهُ مَعَهُ، وَعَادَ إِلَى بَابِ الكَهْفِ لِيَخْرُج
لَكِنَّ شَمْرُوخَ أَمَرَهُ أَنْ يُسَلَّمَهُ الْمِصْبَاحَ أَوَّلًا، فَرَفَضَ «عَلَاءُ الدِّينِ، فَصَرَخَ شَمْرُوحُ غَاضِبًا: لِتَبْقَ مَحْبُوسًا فِي الْجَبَلِ.
تَمَلَّكَ الخَوْفُ عَلَاءَ الدِّينِ ، فَفَرَكَ الْمِصْبَاحَ بِيَدِهِ دون قصد، لِيَظْهَرَ أَمَامَهُ عِفْريتُ عِمْلَاقُ اهْتَزَّتْ لَهُ الْمَغَارَةُ عِنْدَمَا صَاحَ العفريت: شُبَيْكَ لُبَّيْكَ، خَادِمُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ أَنَا مَارِدٌ أُطِيعُ أَوَامِرَ مِنْ يَمْلِكُ هَذَا الْمِصْبَاحَ اطْلُبْ مَاتُرِيدُ: صَاحَ عَلَاءُ
الدينِ: أَعِدْنِي إِلَى بَيْتِي، وَعَلَى الْفَوْرِ تَحقَّقَتْ رَغْبَتُهُ.
وذَاتَ صَبَاحٍ وَبَيْنَمَا كَانَ عَلَاءُ الدِّينِ يَمْشِي فِي السُّوقِ، نَادَى الْمُنَادِي: موكب الأميرة بدر البدور بنتُ السُّلْطَانِ، فَغَافَلَ الحَراسَ وَنَظرَ
إِلَيْهَا، فَأَعْجِبَ بِجَمَالِهَا، فَطَلَبَ مِنْ أُمَّهِ أَنْ تَخْطَبَهَا لَهُ فَفَعَلَتْ، وَلَمْ يُخْفِ السُّلْطَانُ دَهْشَتَهُ لِرَوْعَةِ الجَوَاهِرِ الَّتِي أَتَتْ بِهَا أُمُّهُ.
فَوَافَقَ عَلى تَزويجه الْأَمِيرَةَ، فَأَقِيمَتِ الْأَفْراحُ، وَزفتِ الْأَمِيرَةُ إلى عَلَاءِ الدين، وَكَانَ ذَلِكَ فِي بِسَاطِ سِحْرِيّ أَذْهَلَ الجَمِيع، ثُمَّ عَيَّنَ الْمَلِكُ «عَلَاءَ الدِّينِ» قَائِدًا لِجَيْشِهِ، وَذَاعَ صِيتُهُ فِي الْبِلَادِ لِحِكْمَتِهِ وَكَرَمِهِ.
سمع شَمْرُوحُ الشَّرِّيرُ بِقِصَّةِ «عَلَاءِ الدِّينِ، فَوَقَفَ مُتَنَكَرًا بِزِي بَائِعِ جَوَالٍ، وَأَخَذَ يُنَادِي بَدَّلُوا مَصَابِيحَكُمُ القَدِيمَةَ بِمَصَابِيحَ جَدِيدَةٍ فَأَحْضَرَتِ
الْأَمِيرَةُ الْمِصْبَاحَ السَّحْرِيّ دُونَ أَنْ تَعْلَمَ، وَاسْتَبْدَلَتْهُ بِآخَرَ جَدِيدٍ.
فَرَكَ السَّاحِرُ الْمِصْبَاحَ، وَصَاحَ: «أَيُّهَا الْمَارِدُ احْمِلِ الْقَصْرَ بِمَنْ فِيهِ إِلَى بِلادٍ بَعِيدَةٍ، صَعِقَ «عَلَاءُ الدِّينِ لِاخْتِفَاءِ قَصْرِهِ، ثُمَّ تَذَكَّرَ الخَاتَمَ
السَّحْرِيَّ، فَفَرَكَهُ، وَفِي لَمْحِ الْبَصَرِ كَانَ عَلَى أَسْوَارٍ قَصْرِهِ، وَلَمْ يَمْضِ وَقْتُ طَوِيلٌ حَتَّى كَانَ الْمِصْبَاحُ فِي يَدِ «عَلَاءِ الدِّينِ».
خَرَجَ الْمَارِدُ لِيُعِيدَ «عَلَاءَ الدّينِ وَزَوْجَتَهُ، فَعَمَّتِ الْفَرْحَةُ الْبِلَادَ، وَعَاشَ
الزَّوْجَانِ حَيَاةٌ مِلؤُهَا السَّعَادَةُ والحب.
إقرأ أيضا المزيد من قصص الأطفال: