.

الحاكم الغبي

تمت الكتابة بواسطة: عبد الحكيم

فصول القصة

الحاكم الغبي

كَانَ يَا مَا كَانَ فِي زَمَن بَعِيدٍ ، كَانَتْ هُنَاكَ قَبِيلَتَانِ تَعِيشَانِ فِي سَلَام تَامٍ؛ القَبِيلَةُ الْأُولَى بِالْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مِنَ النَّهْر، وَالثَّانِيَةُ بِالْجَانِبِ الْأَيْسَرِ مِنْهُ. وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ النَّهْرُ الْمَصْدَرَ الرَّئيسِي لِلْمَاءِ الَّذِي تَشْرَبُ مِنْهُ الْقَبِيلَتَانِ.

وَبَعْدَ مُرُورٍ زَمَن طَويلٍ، تَوَلَّى شَابٌ طَائِشُ الْحُكْمَ عَلَى الْقَبِيلَةِ الَّتِي تُوجَدُ بالضفةِ الْيُسْرَى بَعْدَ وَفَاةِ حَاكِمِهَا السَّابِقِ. وَبِمُجَرِّدِ تَوَلَّيهِ الْحُكْمَ طَلَبَ مِنَ القبيلَةِ الْأُخْرَى أَنْ تَتَوَقَّفَ عَنِ اسْتِغْلَالِ النَّهْرِ، الْأَمْرُ الَّذِي رَفَضَهُ حَاكِمُ تِلْكَ الْقَبيلَةِ رَفْضاً تاماً. فَأَمَرَ الْحَاكِمُ الشَّابُ الْقَلِيلُ الْخِبْرَةِ بِتَأْوِيتِ مِيَاهِ النَّهْرِ كَيْ تَصِيرَ مِياهُهُ غَيْرَ صَالِحَةِ لِلسُّرْبِ. كَما أَمَرَ عُمالَهُ بِحَفْرِ الْآبَارِ كمصْدَر جَدِيدٍ لِلْمَاءِ الصَّالِحِ لِلسُّرْبِ.

وَتَنْفِيذًا لِأَوَامِرِهِ رَمَى الْعُمَّالُ السُّمُومَ فِي النَّهْرِ فَأَصْبَحَتْ مِياهُهُ مُلَوَّثَةٌ. وَعِنْدَ الْانْتِهَاءِ مِنْ حَفْر الآبار لَمْ يَعْثُرُوا عَلَى الْمِيَاهِ، فَتَفَاجَأَ الْحَاكِمُ بِالْخَبَرِ وَنَدِمَ نَدَمَا كَبِيرًا عَلَى مَا قَامَ بِهِ، فَأَضْطَرْتِ الْقَبِيلَتَانِ لِلرَّحِيلِ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ بِاتِّجَاهِ مَكَانٍ آخَرَ بَحْنَّا عَنِ الْمَاءِ.

اَلْعِبْرَة مِنْ اَلْقِصَّة

تُعَلِّمُنَا هَته اَلْقِصَّة اَلْقَصِيرَةِ لِلْمَلِكِ اَلْغَبِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا تَقَاسُمُ اَلْخَيْرَاتِ مَعَ جِيرْتَنْنَا وَأَحِبَّائِنَا وَالتَّصَرُّفِ بِحِكْمَة حَتَّى لَا نَخْسَر اَلنِّعَمُ اَلَّتِي بَيْنَ أَيْدِينَا كَمَا حَدَثَ مَعَ اَلْمَلِكِ اَلَّذِي أَرَادَ أَنْ يَسْتَوْلِيَ لِوَحْدِهِ عَلَى اَلْمَاءِ فَخَسِرَ كُلُّ شَيْءِ بِسَبَبِ أَنَانِيَّتِهِ وَسُوءُ تَدْبِيرِهِ.