كَانَ لِنَبِيِّ اللَّهِ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ أَحَدَ عَشَرَ أَخَا, وَكَانَ أَبُوهُ يُفَضّلُهُ عَلَى إِخْوَتِهِ جَمِيعًا فَغَارُوا مِنْهُ وَأَرَادُوا أَنْ يَتَخَلَّصُوا مِنْهُ، وَفِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ طَلَبُوا مِنْ أَبِيهِمْ أَنْ يُرْسِلَهُ لِيَلْعَبَ مَعَهُمْ.
فَلَمَّا وَافَقَ أَبُوهُمْ تَرَكُوهُ دَاخِلَ بِنْرِ مَاءٍ فِي الطَّرِيقِ وَعَادُروا وتركوه وحيد. ثم عادوا
إلَى أَبيهمْ وَهُمْ يَبْكُونَ وَقَالُوا إِنَّ الذئبَ أَكُلِّ أَخَاهُمْ وَأَحْضَرُوا قَمِيصَهُ بَعْدَ أَنْ وَضَعُوا عَلَيْهِ دَمًا كَذِبًا لِيُصَدِّقَهُمْ أبُوهُمْ.
وَجَاءَتْ قَافِلَةٌ لِتَشْرَبَ، فَوَجَدُوا يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْبِئْرِ فَفَرِحُوا بِهِ، وَأَخَذُوهُ لِيَبيعُوهُ لِمَلِكَ مِصْرَ، وَلَمَّا كَبِرَ سيدنا يُوسُفُ كَانَ مِنْ أَجْمَلِ الرّجَالِ وَأَعْجَبَتْ بهِ زَوْجَةُ العزيز، وَأَرَادَتْ أَنْ تَجْعَلَهُ يَعْصِي اللَّهَ لَكِنَّهُ رَفَضَ، فَغَضِبَتْ مِنْهُ وَجَعَلَتْ زَوْجَهَا يَسْجِنُهُ.
وفي السجن كَانَ مَعَهُ فَتَيَانِ أَحَدُهُمَا كَانَ يَعْمَلْ سَاقِيَ المَلك وَالْآخَرُ خَبَّارًا، وَقَدْ عَلِمَا أَن يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَسْتَطِيعُ تَفْسِيرَ الرُّؤْيَا.
فَلَمَّا خَرَجَ السَّاقِي مِنَ السِّجْنِ وَعَادَ لِيَسْقِي الْمَلِكَ رَأَى الْمَلِكُ رُؤْيَا وَأَرَادَ مَنْ يُفَسِرُهَا فَأَخْبَرَهُ السَّاقِي عَنْ سيدنا يُوسُفَ.
فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ فِي طَلَبِهِ، وَلَمَّا فَسَّرَ لَهُ الرُّؤْيَا عَرَفَ الْمَلكُ فَضْلَهُ وَأَخْرَجَهُ مِنَ السِّجْنِ، وَعَيَّنَهُ أَمِينًا عَلَى خَزَائِنِ مِصْرَ ، وَجَاءَتْ سَنَوَاتٌ قُلْ المَطرُ فِيهَا،
فَكَانَ النَّاسُ يَأْتُونَ إِلَى مِصْرَ لِأُخْذِ مَا يَحْتَاجُونَ مِنْ طَعَامٍ، فَدَخَلَ إِخْوَة نَبِيُّ اللَّه يُوسُفَ عَلَيْهِ، فَعَرَفَهُمْ وَلَمْ يَعْرِفُوه، فَطَلَبَ مِنْهُمْ إِذَا جَاءُوا فِي الْعَامِ الْقَادِمِ أَنْ يَأْتُوا بِأَخِيهِمْ، ثُمَّ دَبَّرَ مَعَهُ مَكِيدَةً تُبقِيهِ عِنْدَهُ، بِأَنْ جَعَلَ الْجُنُودَ يَتَّهمُونَهُ بالسرقة.
وَلَمَّا جَاءَ الْخَبَرُ أَبَاهُمْ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، حَزِنَ حُزْنًا شَدِيدًا وَتَذَكَّرَ يُوسُفَ، فَعَادَ إِخْوَةُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى عَزِيزِ مِصْرَ وَذَكَرُوا لنَبِيُّ الله يُوسُفَ حَالَ أَبِيهِمْ، فَلَمَّا رَأَى حَالَهُمْ رَقَ لَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: أَنَا يُوسُفَ، وَطَلَبَ مِنْهُمْ أَنْ
يُحْضِرُوا أَبَاهُمْ وَأُمَّهُمْ وَيَعِيشُوا مَعَهُ فِي خَيْرِ مِصْرَ.
إقرأ أيضا: قِصَّة نَبِيّا اَللَّه صَالِحٌ وَشُعَيْبْ عَلَيْهِمَا اَلسَّلَامُ